اشتباك دام بين القاهرة وتل أبيب..هل تشتعل حرب إقليمية في الشرق الأوسط؟

المصطفى الجوي

المصطفى الجوي – موطني نيوز

عندما هدد عبد الفتاح السيسي قال بالحرف : “قسماً بالله اللي هيقرب لها لاشيله من فوق وش الأرض”. قالها من قبل، واليوم بات أمام الاختبار. حدود مصر وإسرائيل تشتعل، جندي مصري سقط قتيلاً. إسرائيل تدعي أنها ردت على نيران مصرية، والقاهرة تجري التحقيقات. هل تشتعل الحرب الإقليمية المنتظرة؟

توتر لم تشهده الحدود المصرية الإسرائيلية من قبل، إطلاق نار متبادل بين الطرفين، وقتلى وجرحى، ودبلوماسية قد تقف عاجزة أمام الحادثة. القصة تبدأ من منتصف يوم الاثنين السابع عشر من مايو، عندما وصل أول خبر نقلاً عن وسائل إعلام إسرائيلية بعنوان “حدث جلل قرب معبر رفح مع مصر وبانتظار التفاصيل”. سريعاً وصلت التفاصيل.

واتضح أن الحدث يستحق ذلك العنوان بالفعل. سُجل اشتباك، لكن تضاربت الروايات بين القاهرة وتل أبيب. أول من اعترف كان الجيش الإسرائيلي، حيث أعلن عن وقوع تبادل لإطلاق النار بين جنوده والقوات المصرية، وتحديداً قرب معبر رفح البري الفاصل بين غزة ومصر. وقال البيان الإسرائيلي إن جندياً مصرياً قُتل في الاشتباك، دون أن تُسجل إصابات في صفوف القوة الإسرائيلية. وأكد البيان أن التحقيقات المشتركة انطلقت لمعرفة حيثيات الحادثة بالكامل.

بعدها بساعات، أعلن المتحدث العسكري المصري ما حدث، حيث أكد مقتل الجندي المصري بنيران إسرائيلية، وقال إن القوات المسلحة المصرية بدأت تحقيقاً حول الحادث.

عاد بعدها الجيش الإسرائيلي ليؤكد أنه ينسق مع الجانب المصري، مؤكداً بأن تل أبيب تريد حل القضية دبلوماسياً قبل أن تتسع، بعد أن كشفت الحادثة للعالم بشكل علني. عادت إسرائيل لتقول إن الجانب المصري هو من بدأ إطلاق النار، وعليه ردت القوات الإسرائيلية على مصادر النيران. في حين ذكرت مصادر مصرية أن القوات الإسرائيلية هي من بدأت بإطلاق النار، ثم قالت مصادر أمنية إن إطلاق النار بدأ من مقاتلين فلسطينيين باتجاه القوات الإسرائيلية، ما أدى لنشوب اشتباك بين ثلاث جهات في وقت واحد، حيث رد عنصر الحماية المصري على مصادر النيران من الجانب الإسرائيلي، فوجهت القوات الإسرائيلية النيران نحوه ونحو الحدود المصرية، ما نتج عنه اشتباك قصير سقط خلاله جندي مصري وجرحى آخرون.

مع استمرار الأخبار والبيانات، يُتوقع أن تكون النهاية بإعلان مشترك يقول إنما حدث حادث عرضي بعد خطأ باعتقاد أن قواعد الاشتباك قد كُسرت من قبل إسرائيل. لكن الحادثة لن تمر بتلك البساطة، وذلك بسبب عدة محددات:

أولاً، الحادثة تهدد اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل. فمنذ وصول القوات الإسرائيلية إلى معبر رفح، بدأ الحديث حول الاتفاقية، وبتسجيل ذلك الاشتباك قد تكون إسرائيل قد خرقت الاتفاقية بشكل رسمي. وتعليقاً على ذلك، وبتصريح خاص لوكالة “ستبي نيوز”، قال الدكتور أيمن سلامة، خبير القانون الدولي: “إن الحادث خرق فاضح وصارخ لبروتوكول 2005 الموقع بين القاهرة وتل أبيب”، وأكد أنه متوقع وليس مفاجئاً بسبب التصرفات الإسرائيلية في الآونة الأخيرة. وأضاف أنه لا يتوقع تصعيداً من الجانب المصري عسكرياً، وإنما سيكون الرد مدروساً بالكامل من قبل القاهرة.

ثانياً، بدأت الضغوط تُمارس على القاهرة للضغط على إسرائيل بهدف الانسحاب من معبر رفح وإعادة فتح المعبر، حيث اعتبر البعض الحادثة فرصة ذهبية للضغط على تل أبيب وإجبارها على الرضوخ للمطالب المصرية، خصوصاً أن إسرائيل ظهرت مرتبكة للغاية بعد الحادثة.

في الواقع، الحادثة تختلف تماماً عن أي حدث سابق على الحدود المصرية الإسرائيلية. ففي السابق كانت الحوادث مبنية على تحركات فردية، مثل ما حدث في يونيو من العام الماضي عندما هاجم حارس الحدود المصري محمد صلاح الحدود الإسرائيلية. لكن هذه المرة الحيثيات واضحة وتؤكد أن اشتباكاً مسلحاً بين الجيشين حدث، وعليه فالتحقيقات هي التي تحكم. لكنها بالتأكيد اللحظة الأكثر توتراً بين مصر وإسرائيل منذ السابع من أكتوبر.

فعلى الرغم من تسجيل العديد من عمليات القصف الخاطئ من الجانب الإسرائيلي، لكن تلك الحادثة أوقعت قتلى في صفوف الجيش المصري، وهو الأمر الذي يعتبر انتهاكاً واضحاً للمواثيق الموقعة بين الطرفين.

ومن جانب آخر، قد يزداد الضغط الشعبي على صناع القرار في مصر للرد على إسرائيل بعد سقوط جندي مصري، الأمر الذي قد يؤدي لحرب مفتوحة بين الطرفين.

الجميع في المنطقة لا يودون اندلاع حرب بين مصر وإسرائيل اليوم، لأن الحرب بينهما تعني حرباً إقليمية كبرى لن تتوقف بسهولة. لا نعرف ما ستكون نتيجتها، لكنها في أقل الاحتمالات قد تؤدي لإعادة ترتيب الاتفاقيات بين الطرفين، وإجبار إسرائيل على الانسحاب.

أيام قليلة وسنعرف ماذا سيحدث، حل دبلوماسي أم حرب إقليمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!