المصطفى الجوي – موطني نيوز
يلعب الإعلام دوراً حاسماً في تشكيل الوعي الاجتماعي ونشر القيم والمفاهيم التي تسود في المجتمع. وفي ظل التحديات التي تواجه المجتمع المغربي، أصبح من الضروري استثمار الإعلام بشكل إيجابي لنشر ثقافة التسامح وتجاوز الصور النمطية السلبية عن الآخر.
ويمكن للإعلام أن يسهم في ذلك من خلال :
– بث الحملات التوعوية التي تشجع على قبول الاختلاف واحترام الرأي الآخر.
– إتاحة مساحات لحوار بنّاء بين مختلف أطياف المجتمع حول قضايا التعايش.
– محاربة خطاب الكراهية والتشهير ضد أي فئة في المجتمع.
– نشر قصص ناجحة عن تجارب التسامح والتعايش بين أفراد المجتمع.
– تسليط الضوء على الآثار الإيجابية لتنوع المجتمع المغربي.
– تكريم المبادرات الشبابية والمجتمعية الداعمة للتسامح.
ولكن لتحقيق ذلك، يتطلب الأمر أيضاً :
– وضع ميثاق أخلاقيات مهنة الإعلام يلزم الإعلاميين بمبادئ التسامح.
– تدريب الإعلاميين على مهارات التواصل البنّاء القائم على الاحترام المتبادل.
– مراقبة مضمون وسائل الإعلام ومنع المحتوى المغرض أو الطائفي.
– دعم إنتاج المحتوى الإعلامي الهادف لنشر قيم التسامح.
إن استثمار الإعلام بشكل بنّاء وإيجابي سيساهم بلا شك في ترسيخ ثقافة التسامح وتقبل الآخر في المجتمع المغربي.
واليوم، يواجه المجتمع المغربي تحديات كبيرة على صعيد ترسيخ قيم التسامح وقبول الآخر، في ظل ما يشهده من انقسامات وصراعات بين مختلف مكوناته خاصة داخل وسائل التواصل الاجتماعي التي باتت تعج بالمرضى والمعتوهين. وفي مثل هذه الأوضاع، يصبح دور الإعلام حاسماً للغاية في التأثير على الوعي الجمعي ونشر ثقافة التسامح الحقيقي.
فالإعلام بمختلف أشكاله المرئية والمسموعة والمقروءة، يمتلك تأثيراً قوياً على أفكار الجمهور وميولهم وسلوكياتهم. لذا فمن واجبه الاجتماعي والأخلاقي أن يستثمر هذا التأثير بشكل إيجابي لبناء مجتمع أكثر تسامحاً وانفتاحاً.
ويمكن لوسائل الإعلام أن تقوم بدورها هذا من خلال عدة محاور:
أولاً: محاربة خطاب الكراهية والطائفية
على الإعلاميين تجنب بث أي محتوى يحرض على الكراهية ضد أي فرد أو جماعة. كما ينبغي منع ظهور أي خطاب طائفي أو عنصري في وسائل الإعلام المختلفة، والتصدي الفوري لمثل هذه التصريحات عند صدورها.
ثانياً: تسليط الضوء على قصص التعايش الناجحة
هناك العديد من التجارب الناجحة للتعايش بين أفراد وجماعات مختلفة داخل المجتمع المغربي، إلا أنها غالباً ما تظل غير معروفة. يجب على الإعلام إبراز مثل هذه النماذج الإيجابية لتكون قدوة ومصدر إلهام للآخرين.
ثالثاً: برامج الحوار والنقاش البنّاء
يمكن لوسائل الإعلام استضافة حوارات ونقاشات بنّاءة بين شخصيات من مختلف الأطياف ووجهات النظر، لمناقشة قضايا التعايش بعقلانية بعيدة عن العصبية. وهو ما سيسهم في تقريب وجهات النظر ونشر ثقافة الحوار.
رابعاً: حملات توعوية ضد التعصب
بإمكان الإعلام إطلاق حملات توعية واسعة النطاق، تستهدف جميع شرائح المجتمع لمحاربة ظاهرة التعصب ضد الآخر، وتسليط الضوء على الآثار الإيجابية لتقبل الاختلاف.
خامساً: وضع ميثاق أخلاقيات مهنة الإعلام
من شأن وضع ميثاق أخلاقيات المهنة، يلزم الإعلاميين باحترام مبادئ الموضوعية والتوازن وعدم التحريض، أن يرفع من مستوى الخطاب الإعلامي ويقلل من انتشار خطاب الكراهية.
إن استثمار الإعلام بهذه الطرق سيسهم حتماً في تعزيز قيم التسامح والحوار، وبناء مجتمع مغربي متماسك يحترم تنوعه ويفتخر به.
ختاما، يبقى الإعلام مطالباً بدور كبير في نشر روح التسامح والتعايش بين أبناء الوطن الواحد. وكما قال تعالى في كتابه الكريم: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (الحجرات: 13).
كما ينبغي أن نتذكر الحكمة المأثورة “إذا أردت أن تعيش سعيداً عش مع الناس بلا تمييز”.
فالاحترام المتبادل وتقبل الاختلاف هو سبيلنا نحو مستقبل أفضل. والإعلام مدعو ليكون على رأس هذا التغيير الإيجابي.. تحياتي.