
بوشتى المريني – موطني نيوز
بينما ترفع الشعارات عن جودة التعليم وحقوق الطفل، تتحول جماعة فناسة باب الحيط بإقليم تاونات إلى نموذج صارخ للإهمال، حيث يُجبر التلاميذ على ركوب سيارة نقل البضائع كما لو كانوا حمولةً عابرة، لا أطفالاً يستحقون الحماية والكرامة. هذه الصور التي حصلت عليها “موطني نيوز” ليست مجرد مشهد عابر، بل هي دليل مادي على الانهيار الأخلاقي والإداري الذي يطال أبسط حقوق المواطنين.
ففي دوار حماطة، حيث كان التلاميذ يحظون بخدمة النقل المدرسي، تم سحب الحافلة فجأةً دون مبرر واضح، ليجدوا أنفسهم أمام خيارين أحلاهما مرّ: إما التغيب عن المدرسة أو الركوب في مركبات غير آمنة تنتهك أبسط شروط السلامة. والمفارقة الصادمة أن جماعة فناسة تتوفر على خمس حافلات مدرسية مقدمة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والمجلس الإقليمي، مما يطرح سؤالاً محرجاً: أين تذهب هذه الحافلات؟ ولماذا يُترك أطفال دوار حماطة ضحايا للإقصاء والتهميش؟
المصادر المحلية تكشف أن الأمر لا يتعلق بنقص في الإمكانيات، بل بسياسة المحسوبية والانتقام. فبعد أن تعطلت حافلة النقل المدرسي الخاصة بدوار المحضوضين في المجلس الجماعي، تم تحويل حافلة دوار حماطة لتعويض النقص، فيما أُهمل أطفال الدوار الآخرين وكأنهم مواطنون من الدرجة الثانية. هذا ليس إهمالاً عابراً، بل هو تعبير صارخ عن ثقافة “الأولوية للحليف، والعقاب للمعارض”، حيث تُستخدم الخدمات العمومية كأداة للضغط السياسي والانتقام الشخصي.
والسؤال الذي يفرض نفسه بقوة: أين هي الجهات الرقابية في هذه المعمعة؟ كيف تُترك أرواح الأطفال رهينة الصراعات المحلية؟ وكيف تُهدر أموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في لعبة الزبونية والاستقطاب الإنتخابي؟ إن ما يحدث في فناسة باب الحيط ليس مجرد إهمال، بل جريمة في حق الطفولة وطعنًا في مبدأ تكافؤ الفرص.
لقد حان الوقت لفتح تحقيق عاجل وشامل للكشف عن مصير الحافلات الخمس، ومحاسبة كل من تسبب في حرمان التلاميذ من حقهم في تعليم آمن. كما أن على رئيس الجماعة أن يقدم توضيحاً للساكنة عما آلت إليه أوضاع النقل المدرسي في منطقته، بدل هذا آلصمت الذي يزيد الوضع التربوي تأزماً. فالأطفال ليسوا رهائن في الصراعات السياسية، وحقهم في التعليم والسلامة لا يقبل المساومة.
إن هذه الفضيحة ليست فقط وصمة عار على جبين جماعة فناسة باب الحيط، بل هي اختبار حقيقي لمدى جدية الدولة في محاربة الفساد المحلي والزبونية. فإما أن تتحرك الجهات المعنية لاستعادة الحقوق المسلوبة، أو تكون قد أقرت ضمنياً بأن “العهد الجديد” ليس سوى استمرارٍ لممارسات العهود البائدة.