بنسليمان : أثناء دفن جثمان المرحومة “نعيمة سميح” فقهاء المقابر يفرضون سلطتهم على الميت واهله في مدينة السيبة (فيديو)

أثناء دفن المرحومة نعيمة سميح في روضة بنسليمان

المصطفى الجوي – موطني نيوز

ألم أقل لكم مرارًا وتكرارًا أننا أصبحنا نعيش في مدينة السيبة؟! ألم أحذركم من أن الفوضى باتت سيدة الموقف، والقانون مجرد حبر على ورق يُزين به المسؤولون تقاريرهم العقيمة؟ ها نحن اليوم نُطل برؤوسنا من جحر المهانة لنشاهد كارثة جديدة تضاف إلى سجلّ العار الطويل. ما حدث يوم أمس في الروضة الجديدة ببنسليمان أثناء دفن المرحومة نعيمة سميح ليس مجرد حادث عابر، بل فضيحة صارخة تكشف عن سقوطنا في هاوية لا قرار لها، حيث الكل يغني على ليلاه، والموتى أنفسهم لم يسلموا من جشع المتاجرين بكلام الله.

تخيلوا المشهد، أهل الميت يودّعون فقيدتهم في لحظة حزن دفين، وفجأة يقتحم المشهد نفر من “فقهاء المقابر”، ليسوا هناك للترحم أو مواساة الثكالى، بل لفرض سطوتهم كمجموعة منظمة لا تعرف معنى الحياء. الأهل رفضوا بكل وضوح أن يقرأ هؤلاء على الميتة، لكن “الفقهاء” لم يكترثوا، وكأن الأمر لا يعنيهم، وكأن الروضة باتت إقطاعية خاصة بهم، يصولون ويجولون فيها كما يحلو لهم، ولو “طارت معزة” كما يقول المثل. أيّ وقاحة هذه؟ أيّ انحطاط وصلنا إليه حتى أصبحت المقابر سوقًا للابتزاز والتسلط؟

جثمان الراحلة نعيمة سميح رحمها الله

هذا ليس مجرد اعتداء على حرمة الموتى وعلى مشاعر أهلهم، بل هو دليل ساطع على أن الاحتلال في مدينة السيبة لم يعد يقتصر على الشوارع والأزقة، بل امتدّ ليطال قبورنا. نعم، احتلال بكل ما تحمل الكلمة من معنى، لكن هذه المرة ليس بجيوش أجنبية، بل بأيادٍ محلية تتستر برداء الدين لتفرض سلطتها وتجني أرباحها. هؤلاء ليسوا فقهاء بالمعنى الحقيقي، بل حفظت القرآن يبيعون الآيات ويشترون الصمت، متسلحين بجهل البعض وخوف الآخرين.

ما حدث في روضة بنسليمان ليس حالة معزولة، بل هو نتيجة طبيعية لسنوات من التسيب والفوضى التي تركت المجال مفتوحًا لهذه الفئة لتتحكم في رقاب الناس، حياةً ومماتًا. أين السلطات المحلية؟ أين المسؤولون الذين يتقاضون رواتبهم من عرق الشعب؟ هل أصبحوا مجرد ديكور في مسرحية هزلية لا تنتهي؟

إن ما جرى يندى له الجبين، ويستدعي وقفة حازمة. لا يكفي أن نكتفي بالشجب والاستنكار، فالوضع تجاوز كل الحدود. إن لم ننتفض اليوم لاستعادة حرمة موتانا وكرامة أحيائنا، فمتى سنفعل؟ مدينة السيبة لن تتغير إن بقينا نراقب من بعيد، نلعن الظلام ولا نشعل شمعة. فليكن هذا الحادث صرخة في وجه كل من يظن أن المقابر ملك يمينه، وليكن بداية لردّ الاعتبار لمجتمع أنهكه التسيب واستباحته العابثون.

ولمشاهدة هذه المهزلة المرجو الضغط هنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!